بتـــــاريخ : 9/24/2011 12:25:12 AM
الفــــــــئة
  • الصحــــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2352 0


    أمراض الكبد والسبيل الصفراوي .... الجزء الرابع

    الناقل : فراولة الزملكاوية | العمر :37 | الكاتب الأصلى : مـ الروح ـلاك | المصدر : forum.te3p.com

    كلمات مفتاحية  :
    أمراض الكبد السبيل الصفراوي
    ارتفاع التوتر البابي
    PORTAL HYPERTENSION


    يتميز ارتفاع التوتر البابي بارتفاع مديد في ضغط الوريد البابي (الطبيعي 2-5 ملمز). يكون الضغط الوريدي البابي فوق 12 ملمز عادةً عند المرضى الذين ظهرت لديهم المظاهر السريرية لارتفاع التوتر البابي أو اختلاطاته.

    A. السببيات والآلية الإمراضية
    يتحدد الضغط الوريدي البابي وفقاً للجريان الدموي البابي وللمقاومة الوعائية البابية. وتعد زيادة هذه المقاومة السبب الرئيسي الذي يؤدي لارتفاع التوتر البابي. بغض النظر عن سبب هذه الزيادة وبالتالي عن أسباب ارتفاع التوتر البابي فإنها تصنف لموقع إعاقة الجريان الدموي في الجهاز الوريدي البابي (انظر الشكل 13 والجدول 24).


    الشكل 13: تصنيف ارتفاع التوتر البابي وفقاً لموضع الانسداد الوعائي.
    الجدول 24: أسباب ارتفاع التوتر البابي حسب موضع الآفة.
    أسباب خارج كبدية - تالية للجيوب الكبدية:
    · متلازمة بود-كياري.
    أسباب داخل كبدية - تالية للجيوب الكبدية:
    · الداء الوريدي الساد.
    أسباب ضمن الجيوب الكبدية:
    · التشمع*.
    · الداء الكبدي الكيسي.
    · التحول العقيدي الكبدي الجزئي.
    · النقائل السرطانية.
    أسباب داخل كبدية - سابقة للجيوب الكبدية:
    · داء المنشقات*.
    · داء الغرناوية.
    · التليف الكبدي الخلقي.
    · الفينيل كلورايد.
    · الأدوية.
    أسباب خارج كبدية - سابقة للجيوب الكبدية:
    · خثار الوريد البابي الناجم عن الإنتان Sepsis (السري، تقيح الدم البابي) أو عن اعتلال طلائع عوامل التخثر (الأمراض الخثرية، مانعات الحمل الفموية، الحمل،التشمع).
    · الرض البطني بما فيه العمل الجراحي.
    · سرطان الكبد أو المعثكلة.
    · التهاب المعثكلة.
    · خلقي.
    * هما أشيع سببين لهذا المرض (إن التشمع لوحده مسؤول عن حوالي 90% من حالات ارتفاع التوتر البابي.

    من الشائع أن يكون انسداد الوريد الباب خارج الكبد هو سبب ارتفاع التوتر البابي عند الأطفال واليافعين، وبالمقابل فإن التشمع يسبب 90% أو أكثر من حالات ارتفاع التوتر البابي عند البالغين في المناطق الغربية. ويعد داء المنشقات السبب الأشيع عالمياً لارتفاع التوتر البابي ولكنه غير شائع خارج المناطق الموبوءة.

    يؤدي ارتفاع المقاومة الوعائية البابية إلى انخفاض تدريجي في جريان الدم البابي إلى الكبد وبالتالي يؤدي لتطور دوران رادف يسمح للدم بتجاوز الكبد والدخول إلى الدوران الجهازي مباشرة. قد تساهم زيادة معدل جريان الدم البابي في مفاقمة ارتفاع التوتر البابي ولكنها ليست العامل الرئيسي.

    يتشكل الدوران الرادف في عدة مواضع منتشرة وأهمها الجهاز الهضمي ولاسيما المري والمعدة والمستقيم، وجدار البطن الأمامي وفي السرير الوعائي الكلوي والقطني والمبيضي والخصوي. في الحالة الطبيعية يجري كل الدم البابي عبر الكبد، ولكن بعد تطور الدوران الرادف يمكن لنصفه أو أكثر (أحياناً كله تقريباً) أن يجري مباشرة إلى الدوران الجهازي دون المرور به.

    B. المظاهر السريرية:
    تنجم الأعراض السريرية التالية لارتفاع التوتر البابي بشكل رئيسي عن الاحتقان الوريدي البابي وعن تشكل الدوران الرادف. إن الضخامة الطحالية علامة رئيسة، ويغلب ألا يكون تشخيص ارتفاع التوتر البابي صحيحاً في حال غياب الضخامة الطحالية سريرياً أو بالتصوير بأمواج فوق الصوت. نادراً ما يتضخم الطحال لأكثر من 5 سم تحت الحافة الضلعية اليسرى عند البالغين، ولكن قد تحدث ضخامة أشد عند الأطفال واليافعين.

    إن فرط الطحالية علامة شائعة وتسبب عادة قلة الصفيحات، حيث يكون تعدادها حوالي 100×910 صفيحة/ليتر، ومن النادر أن ينخفض إلى مادون 50×910 صفيحة/ليتر. أحياناً تحدث قلة كريات بيض، ولكن من الصعب دائماً أن يُنسب فقر الدم إلى فرط الطحالية، قد تكون أوعية الدوران الرادف مرئية على جدار البطن الأمامي وأحياناً يتشعع العديد منها من السرة ليشكل رأس المدوسة.

    من النادر أن تسبب الأوعية السرية الرادفة الكبيرة جرياناً دموياً غزيراً بشكل كافٍ لإعطاء صوت همهمة وريدية بالإصغاء (متلازمة كروفيلهير - بوم غارتن).

    تظهر أهم أوعية الدوران الرادف في المري والمعدة حيث قد تسبب نزفاً شديداً. كذلك تسبب الدوالي المستقيمية النزف ولكنها غالباً تشخص خطأً على أنها بواسير التي لا تزيد نسبة حدوثها عند مرضى ارتفاع التوتر البابي عن نظيرتها عند الناس العاديين. ينجم النَتَن الكبدي عن الشنت البابي الجهازي الذي يسمح لمركبات المركبتان بالمرور مباشرة إلى الرئتين.

    C. الاستقصاءات:
    يمكن إظهار الدوالي بواسطة التنظير الباطن أو بالتصوير الشعاعي للسبيل الهضمي العلوي، وبذلك نتأكد من وجود ارتفاع توتر بابي ولكن لا نكشف سببه (انظر الشكل 14). يمكن للتصوير ولاسيما بأمواج فوق الصوت أن يظهر ملامح ارتفاع التوتر البابي مثل الضخامة الطحالية والأوعية الرادفة، وقد يساهم أحياناً في كشف السبب مثل الداء الكبدي. أو خثار وريد الباب.


    الشكل 14: الدوالي كما تظهر بالتنظير الباطن.
    A: دوالي مريئية عند النهاية السفلية للمري.
    B: دوالي معدية.
    يحدد التصوير الوريدي البابي الظليل موضعَ الانسداد وغالباً ما يكشف أيضاً عن سبب الانسداد الوريدي البابي، وهو يجرى عادة قبل التداخل الجراحي. من النادر أن نحتاج لقياس الضغوط الوريدية البابية ولكن قد تجرى لإثبات ارتفاع التوتر البابي وللتمييز أيضاً بين الشكل الجيبي والشكل ما قبل الجيبي.

    D. الاختلاطات:
    يعد النزف الهضمي الناجم عن الدوالي أو عن الاعتلال المعدي الاحتقاني، يعد الاختلاط الرئيسي لارتفاع التوتر البابي (انظر الجدول 25).
    الجدول 25: اختلاطات ارتفاع التوتر البابي.
    · نزف الدوالي (المريئية، المعدية، الأخرى وهي نادرة).
    · اعتلال المعدة الاحتقاني.
    · فرط الطحالية.
    · الحبن.
    · القصور الكلوي.
    · الاعتلال الدماغي الكبدي.

    من النادر أن يكون فرط الطحالية شديداً لدرجة يكون فيها ذا نتائج سريرية ملحوظة. كذلك فإن ارتفاع التوتر البابي هو فقط أحد العوامل المساهمة في تطور الحبن والقصور الكلوي والاعتلال الدماغي الكبدي.

    I. نزف الدوالي VARICEAL BLEEDING:
    يحدث هذا النزف من الدوالي المريئية المتوضعة عادة ضمن 3-5 سم من الوصل المعدي المريئي أو من الدوالي المعدية. إن قد الدوالي وظهورها بالتنظير على شكل بقع أو أشرطة حمراء وارتفاع التوتر البابي والقصور الكبدي، إن كل ما سبق يشكل عوامل عامة تؤهب لتطور النزف. كذلك يمكن للأدوية المقرحة للمخاطية مثل الساليسيلات ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية أن تؤهب للنزف.

    نزف الدوالي يكون شديداً في العادة، وهو ينكس في حال لم تطبق العلاجات الوقائية. إن نزف الدوالي من بقية المواضع غير شائع نسبياً ولكنه يحدث غالباً على حساب دوالي المستقيم أو دوالي الفغرات المعوية Intestinal Stomas.

    A. تدبير نزف الدوالي الحاد:
    فصلنا الحديث عن التشخيص التفريقي والمقاربة التشخيصية لمريض النزف الهضمي العلوي الحاد في فصل الأمراض الهضمية. إن الأولوية التي يجب تحقيقها والاهتمام بها في حالة النزف الحاد من الدوالي المريئية هي الحفاظ على الحجم داخل الأوعية بإعطاء الدم والبلازما، وإن الإعاضة الكافية مهمة جداً لأن الصدمة تنقِص معدل الجريان الدموي الكبدي وبالتالي تؤدي للمزيد من تدهور الوظيفة الكبدية.

    حتى عند المريض المعروف بأن لديه دوالي مريئية يجب دوماً كشف مصدر النزف والتأكد منه بالتنظير الباطن لأن حوالي 20% من هؤلاء المرضى ينزفون من آفة أخرى ولاسيما التقرحات المعدية الحادة. تتوافر العديد من الخيارات العلاجية لإيقاف نزف الدوالي الحاد ولمنع نكسه (انظر الجدول 26). تعد المعالجة المصلبة والمعالجة بالربط الطريقتين الأوليتين المفضلتين لعلاج نزف الدوالي.
    الجدول 26: الطرق المستخدمة لإيقاف نزف الدوالي المريئية وللحيلولة دون نكسه.
    إجراءات موضعية:
    · معالجة مصلبة.
    · الربط.
    · السطام بالبالون.
    · قطع المري بشكل معترض.
    تخفيض الضغط الوريدي البابي:
    · سوماتوستاتين (أوكتيريوتيد).
    · فازوبريسين.
    · تيرليبريسين.
    منع نكس النزف:
    · المعالجة المصلبة/ الربط.
    · TIPSS.
    · جراحة الشنت البابي الجهازي (إسعافية أو انتخابية).
    · بروبرانولول.

    1. تخفيض الضغط الوريدي البابي:
    إن التخفيض الدوائي للتوتر البابي أقل أهمية من المعالجة المصلبة أو المعالجة بالربط، بالإضافة لكونها مكلفة ولذلك لا تستخدم دائماً. يزداد حالياً اللجوء لتركيب المسرب القالب البابي الجهازي داخل الكبد عبر الوداجي (TIPSS) (انظر لاحقاً).

    العلاج الدوائي: يقبض الفازوبريسين الشرينات الحشوية وينقص معدل الجريان الدموي البابي وبالتالي التوتر البابي. يعطى بشكل أفضل تسريباً وريدياً بمعدل 0.4 وحدة/ دقيقة إلى أن يتوقف النزف أو لمدة 24 ساعة، وبعدها يخفض إلى 0.2 وحدة/ دقيقة لمدة 24 ساعة أخرى. يحدث التقبض الوعائي في مواضع أخرى من السرير الوعائي أيضاً مما قد يؤدي لحدوث الخناق واللانظميات وحتى احتشاء العضلة القلبية.

    يجب إعطاء غليسيريل ثلاثي النترات على شكل لصاقات جلدية أو حقناً وريدياً للجم هذه التأثيرات الجانبية. يجب عدم استخدام الفازوبريسين عند المريض المصاب بالداء القلبي الإقفاري. حالياً يعد محضر تيرليبريسين الدواء المنتخب لأن الفازوبريسين يتحرر منه على مدى عدة ساعات بكميات كافية لخفض التوتر البابي دون إحداث تأثيرات جهازية، يعطى حقناً وريدياً بجرعة 2 ملغ كل 6 ساعات إلى أن يتوقف النزف، ومن ثم بجرعة 1 ملغ كل 6 ساعة لمدة 24 ساعة أخرى.

    إن محضر أوكتريوتيد مماكب صنعي للسوماتوستاتين يخفض التوتر البابي ويمكن له أن يوقف نزف الدوالي. يسبب تأثيرات جانبية قليلة ويعطى بجرعة 50 مكغ حقناً وريدياً متبوعة بتسريبه المستمر بمعدل 50 مكغ/ ساعة.

    TIPSS وجراحة المسرب: يجرى تركيب المسرب القالب البابي الجهازي داخل الكبد عبر الوداجي TIPPS من أجل علاج نزف الدوالي الحاد المعند على المعالجة المصلبة أو الربط. تمتلك جراحة الشنت البابي الجهازي الإسعافي نسبة وفيات تعادل 50% أو أكثر وحالياً لا تستخدم لعلاج النزف الفعال.

    2. الإجراءات الموضعية:
    تشمل الإجراءات المتبعة لضبط نزف الدوالي الحاد كلاً من المعالجة المصلبة والربط والسطام بالبالون وقطع المري المعترض.

    المعالجة المصلبة أو الربط: يعد هذان الشكلان الطريقتين المبدئيتين الأكثر انتشاراً للتدبير الأولي، ويتم إجراؤها خلال التنظير الباطن التشخيصي إن كان ذلك ممكناً. توقف النزف من الدوالي في 80% من الحالات ويمكن إعادة إجرائها في حال نكس النزف.

    قد يجعل النزف الفعال خلال التنظير إجراء المعالجة المصلبة صعباً وفي مثل هذه الحالات يصار إلى ضبطه بالبالون قبلها. يمكن استخدام الربط لإيقاف النزف الحاد ولكن تطبيقها في مثل هذه الحالات أصعب من المعالجة المصلبة (انظر الشكل 15).


    الشكل 15: مظهر الدوالي المريئية بعد تطبيق العصابات الحابسة (الربط بالعصابة، السهم).
    السد (السطام) بالبالون: تقوم هذه التقنية على استخدام أنبوب سينغ ستاكين-بلاكمور المزود ببالونين يحدثان ضغطاً ضمن قعر المعدة وفي أسفل المري. إن أنبوب مينيسوتا المعدل يحوي العديد من اللمعات للسماح برشف المواد من المعدة ومن المري فوق مستوى البالون المريئي.

    يدخل الأنبوب عبر الفم ويجب التأكد من توضعه في المعدة بإصغاء البطن العلوي خلال دفع الهواء ضمن المعدة، كذلك نتأكد من صحة توضعه أيضاً بواسطة التصوير الشعاعي. يطبق جر لطيف للحفاظ على الضغط على الدوالي. في البداية يُنفخ البالون المعدي فقط لأن ذلك سيضبط النزف عادة.

    يجب إيقاف نفخ البالون المعدي في حال شعر المريض بالألم لأن النفخ غير المتعمد للمري قد يؤدي لتمزقه. في حال اضطررنا لاستخدام البالون المريئي بسبب عدم توقف النزف فإننا يجب أن نفرغه من الهواء بمعدل 10 دقائق كل 3 ساعات لتجنب تأذي المخاطية المريئية. دائماً (وبشكل غالب) ينجح تطبيق البالون الساد في إيقاف نزف الدوالي المريئية ودوالي قعر المعدة، ولكن مهمته فقط هي تأمين الوقت اللازم لتطبيق المعالجة الأكثر نوعية.

    قطع المري المعترض: يمكن إجراء قطع معترض للدوالي بواسطة فرد الخرز Stapling Gun، رغم أن هذه العملية تحمل خطورة تطور تضيق مريئي لاحق، وهي تشرك عادة مع استئصال الطحال. تستخدم هذه الطريقة عند عدم توافر TIPSS وعندما تفشل بقية المقاربات في ضبط النزف. إن المراضة والمواتة التاليتين لهذه العملية ملحوظتان لأن المريض سيكون مصاباً بالقصور الكبدي عندما تفشل بقية المقاربات في ضبط النزف.

    B. منع نكس النزف:
    إن نكس النزف هو القاعدة والاستثناء هو المرضى الذين نزفوا سابقاً من الدوالي المريئية وطبق لهم العلاج الوقائي.

    EBM




    نزف الدوالي عند مرضى التشمع:
    دور الوقاية الثانوية:
    بعد ضبط نزف الدوالي الفعال يجب استئصالها باستخدام الطرق التنظيرية، وتعد طريقة الربط المقاربة المنتخبة حالياً. بينما نجد أن TIPSS أكثر فعالية من الطرق التنظيرية في إنقاص نسبة نكس نزف الدوالي فإنها لا تحسن البقيا وتترافق مع نسبة أعلى من حالات الاعتلال الدماغي.

    1. المعالجة المصلبة:
    تعد أشهر طريقة تستخدم لمنع نكس النزف من الدوالي المريئية. تحقن الدوالي بمادة مصلبة حالما نتمكن من ذلك بعد النزف، ويكرر الحقن كل 1-2 أسبوعاً لاحقاً إلى أن تمحي الدوالي. يجب إجراء متابعة منتظمة بالتنظير الباطن للسماح بكشف وعلاج أية حالة نكس.

    هذا الحقن ليس خالياً من المخاطر لأنه قد يسبب ألماً عابراً بطنياً أو صدرياً وحمى وعسرة البلع العابرة وأحياناً قد يؤدي لانثقاب المري.

    قد تتطور تضيقات مريئية فيما بعد. على كل حال فإنه يترافق مع نسبة مواتة منخفضة حتى عند المرضى ذوي الوظيفة الكبدية السيئة، وبواسطته يمكن منع الكثير من حالات النزف الناكس. افترض أنه يساعد في إطالة بقيا المرضى ولكن هذه الدعوى تحتاج للإثبات.

    2. الربط:
    في هذه الطريقة ترشف محتويات الدوالي بواسطة جهاز رشف يدخل بالتنظير وبعد ذلك يتم سدها بربطها برباط مطاطي محكم. وبعد ذلك تمحى هذه الدوالي وتتخشر Slough تدريجياً. تطبق بنفس الطريقة المعالجة المصلبة، ولكنها أكثر فعالية منها وتبدي تأثيرات جانبية أقل وقد أصبحت المعالجة المنتخبة.

    3. المسرب القالب البابي الجهازي داخل الكبدي عبر الوداجي (TIPSS):
    في هذه الطريقة يوضع قالب بين الوريد الباب والوريد الكبدي في الكبد لتأمين مسرب بابي جهازي لتخفيض الضغط البابي (انظر الشكل 16).


    الشكل 16: المسرب القالب البابي الجهازي داخل الكبدي عبر الوداجي.
    A: تظهر الصورة الشعاعية وضع TIPSS ضمن الوريد الباب مما يسمح للدم بالجريان من الوريد الكبدي الأيمن إلى الوريد الأجوف السفلي. لاحظ التباين ضمن الوريد المساريقي العلوي ولكن ليس ضمن الوريد الطحالي الذي انخمص بعد تخفيض الضغط البابي.
    B: رسم توضيحي.
    تجرى هذه العملية تحت المراقبة الشعاعية عبر الوريد الوداجي الباطن. يجب قبل إجراء هذه العملية التأكد من سلامة الجريان عبر الوريد البابي بتصويره الظليل، قد يستطب تعويض نقص عوامل التخثر بإعطاء البلازما الطازجة المجمدة، وينصح بتغطية المريض بالصادات الحيوية. إن تركيب الشنت الناجح يوقف النزف من الدوالي ويمنع نكسه.

    وإن حدوث النزف ثانية بعد تركيب الشنت يستلزم الاستقصاء والعلاج (الرأب الوعائي) لأنه يترافق عادة مع تضيق الشنت (المسرب) أو انسداده. قد يحدث اعتلال دماغي كبدي يلي تركيب المسرب القالب وهو يتطلب إنقاص قطره (قطر المسرب). على كل حال لازالت فائدة هذه الطريقة على المدى الطويل بحاجة لمزيد من التقييم.

    4. تصنيع مسرب بابي جهازي جراحياً:
    لقد كان من المألوف والمعتاد أن تكون هذه الطريقة هي المقاربة العلاجية المنتخبة لأنها تمنع النزف بشكل فعال وتضمن بقاء المسرب سالكاً. على كل حال فإن نسبة المواتة المرافقة لها كانت مرتفعة ولا سيما عند المرضى ذوي الوظيفة الكبدية السيئة. كذلك أظهرت المتابعة أن هذه العملية يعقبها غالباً إصابة المريض بالاعتلال الدماغي الكبدي.

    يمكن للمسارب اللاانتخابية البابية الأجوفية أن تدفع الكمية الكبرى من الدم البابي بعيداً عن الكبد، هذا الأمر يؤهب المريض للإصابة بالقصور الكبدي والاعتلال الدماغي التاليين للعمل الجراحي. هذا أدى إلى تطوير مسارب أكثر انتقائية (مثل مسرب وارن الطحالي الكلوي القاصي) لإزالة ضغط الدوالي المريئية وللحفاظ على جريان الدم البابي إلى الكبد. تترافق مثل هذه المسارب مع اعتلال دماغي تالي للعمل الجراحي بنسبة أقل، ولكن مع مرور الوقت يتدنى معدل جريان الدم البابي وبالتالي قد يتطور اعتلال دماغي متأخر.

    ولحد أبعد من ذلك فإن مدة البقيا لم تتطاول بهذه العمليات لأن المريض يموت من القصور الكبدي. في الممارسة الحالية نجد أن هذه العمليات تجرى فقط للمرضى الذين لم يستفيدوا من المقاربات الأخرى بشرط أن تكون الوظيفة الكبدية لديهم جيدة.

    5. البروبرانولول:
    ينقص البروبرانولول (80-160 ملغ/اليوم) الضغط الوريدي البابي عند المصاب بارتفاع التوتر البابي، ولقد استخدم لمنع نكس نزف الدوالي، على كل حال فهو لا يستخدم بشكل شائع في الوقاية الثانوية، بالإضافة إلى أن مطاوعة المرضى تجاهه قد تكون سيئة.

    C. الوقاية الأولية من نزف الدوالي البدئي:
    بسبب المراضة والمواتة المترافقتين مع نزف الدوالي فلقد طبقت المعالجة المصلبة ووضعت المسارب البابية الجهازية وأعطي البروبرانولول، كل ذلك كان بقصد منع حدوث نزف دوالي بدئي. إن البروبرانولول بجرعة 80-160 ملغ يومياً قد أعطى نتائج مفيدة ولذلك يمكن استخدامه من أجل الوقاية الأولية (انظر جدول EBM).

    EBM




    الوقاية الأولية من نزف الدوالي:
    أظهر تحليل نتائج عدة تجارب عشوائية مضبوطة أن البروبرانولول مقابل عدم العلاج قد أدى لانخفاض مقداره 47% في نزف الدوالي (P = 0.0001)، وانخفاض مقداره 45% في نسبة الوفيات الناجمة عنه 0.017 = P، وانخفاض مقداره 22% في نسبة المواتة الكلية (0.052 = P).

    II. الاعتلال المعدي الاحتقاني CONGESTIVE GASTROPATHY:
    يسبب ارتفاع التوتر البابي المديد احتقاناً معدياً مزمناً يكشف بالتنظير على شكل بقع حمامية نقطية متعددة. في حالات أندر تحدث مثل هذه الآفات في مناطق أبعد من الجهاز الهضمي. قد تتقرح هذه البؤر لتسبب النزف من عدة مواضع.

    قد يحدث نزف حاد، ولكن النزف الخفيف المتكرر الذي يسبب فقر دم بعوز الحديد أكثر شيوعاً. يمكن الوقاية من هذه المشكلة بإعطاء مستحضرات الحديد الفموية ولكن قد نضطر لنقل الدم بشكل متكرر.

    إن تخفيض الضغط البابي بإعطاء محضر بروبرانولول بجرعة 80-160 ملغ يومياً هو الإجراء العلاجي الأولي الأفضل، فإذا لم ينجح عندها يستطب تركيب المسرب القالب البابي الجهازي داخل الكبدي عبر الوداجي (TIPSS).
     
    الحـبــن
    ASCITES


    يعرف الحبن بأنه تراكم السائل الحر ضمن جوف البريتوان. بينما يعد التشمع سبباً شائعاً له توجد أسباب أخرى يجب التفكير بها حتى عند المريض المصاب بداء كبدي مزمن (انظر الجدول 27).
    الجدول 27: أسباب الحبن.
    أسباب شائعة:
    · الأمراض الخبيثة: الكبدية، البريتوانية.
    · قصور القلب.
    · التشمع الكبدي.
    أسباب أخرى:
    · نقص بروتينات الدم:
    - المتلازمة الكلائية.
    - الاعتلال المعوي المضيع للبروتين.
    - سوء التغذية.
    · الانسداد الوريدي الكبدي:
    - متلازمة بود-كياري،
    - الداء الوريدي الساد.
    · التهاب المعثكلة.
    · الانسداد اللمفاوي.
    · الخمج: التدرن، التهاب البريتوان الجرثومي العفوي.
    أسباب نادرة:
    - متلازمة ميغ.
    - التهاب الأوعية.
    - قصور الدرق.
    - التحال الكلوي.

    A. الآلية الإمراضية:
    يسبب القصور الكبدي وارتفاع التوتر البابي الملاحظ في التشمع احتباساً عاماً للصوديوم والماء في الجسم. وتوضع السائل في الجوف البريتواني نتيجة الضغط الوريدي المرتفع ضمن الدوران المساريقي.

    إن آلية احتباس الماء والصوديوم غير معروفة، ولكن توجد نظريتان لتفسيره، الأولى تفترض أنه بعد فقد السائل إلى البريتوان يحدث احتباس كلوي معاوض للماء والصوديوم (نظرية الامتلاء الناقص)، بينما تفترض الثانية أن حبس الكلى للماء والصوديوم هو الحدث الأول الذي يؤدي لزيادة تدفق السائل إلى جوف البريتوان (نظرية الامتلاء المفرط).

    ربما يكون التوسع الوعائي الحشوي الذي يؤدي لنقص في الحجم الدوراني الفعال أهم عامل ممرض. (نظرية الموسع الوعائي) يؤدي ذلك لتفعيل نظام الرينين-أنجيوتنسين مع ما يرافقه من فرط ألدوستيرونية ثانوية وزيادة تفعل الجملة العصبية الودية وتبدل في إفراز الهرمون الأذيني المدر للصوديوم وتبدل فعالية نظام كاليكرين - كينين (انظر الشكل 17).


    الشكل 17: الآلية الإمراضية للحبن.
    B. المظاهر السريرية:
    يسبب الحبن تمدد البطن مع امتلاء الخاصرتين وانزياح الأصمية بالقرع وظهور هرير Thrill عندما تكون كمية الحبن كبيرة (انظر الشكل 18).


    الشكل 18: تورم البطن عند المصاب بالحبن.
    لا تظهر هذه العلامات إلا بعد أن يزيد حجم سائل الحبن عن ليتر واحد حتى ولو كان المريض نحيفاً، وقد يصعب كشف الكميات الأكبر من السائل فيما لو كان هذا المريض بديناً. تشمل المظاهر المرافقة كلاً من تشوه شكل السرة أو انقلابها والفتق وظهور الخطوط البطنية وتباعد (افتراق) المستقيمتين، وأحياناً يحدث ألم الفخذ بشواش الحس ووذمة في الصفن. قد يشاهد انصباب الجنب عند حوالي 10% من المرضى، على الجانب الأيمن عادة.

    يكون هذا الانصباب قليلاً في معظم الأحيان ولا يكشف إلا بصورة الصدر البسيطة، ولكن قد يحدث موه صدر شديد أحياناً. يجب ألا نفترض أن انصبابات الجنب (ولاسيما التي تحدث على الجهة اليسرى) ناجمة عن الحبن.

    C. الاستقصاءات:
    يعد التصوير بأمواج فوق الصوت الطريقة الأفضل لتأكيد وجود الحبن، ولاسيما عند المرضى البدينين أو الذين يكون لديهم كميات ضئيلة فقط من السائل. قد تظهر صور البطن الشعاعية البسيطة الحبن ولكنها غير حساسة وغير نوعية.

    يمكن اللجوء لبزل البطن لتأكيد وجود الحبن أيضاً، ولكنه يفيد أكثر للحصول على عينة من سائل الحبن لفحصه (قد يتم ذلك بتوجيه التصوير بأمواج فوق الصوت إذا دعت الحاجة. قد يساعد مظهر سائل الحبن في تخمين السبب المستبطن (انظر الجدول 28).
    الجدول 28: العلاقة بين مظهر سائل الحبن والسبب المستبطن.

    السبب

    المظهر

    التشمع:
    رائق أو بلون قشي أو بلون أخضر فاتح.
    الخباثة:
    مدمى.
    الخمج:
    عكر.
    الاتصال الصفراوي:
    مصطبغ بالصفراء بشدة.
    الانسداد اللمفاوي:
    أبيض-حليبي (كيلوسي*).
    *: إن الدقائق الكيلوسية ذات اللون الأبيض الحليبي تطفو بالتنبيذ.

    يقاس تركيز بروتين سائل الحبن ومدروج (ألبومين المصل - سائل الحبن) بقصد التمييز بين شكلي الحبن الرشحي Transudative والنتحي Exudative.

    فالحبن الذي يقل تركيز البروتين فيه عن 25 غ/ليتر أو يكون مدروج (ألبومين المصل - سائل الحبن) فوق 1.5 (رشحي) يكون ناجماً عادة عن التشمع.

    أما الحبن النتحي (تركيز بروتين سائل الحبن فوق 25 غ/ليتر أو مدروج [ألبومين المصل – سائل الحبن] دون 1.5) فيرجح احتمال الخمج (ولاسيما التدرن) أو الخباثة أو الانسداد الوريدي الكبدي أو الحبن المعثكلي أو في حالات نادرة يرجح قصور الدرق.

    إن فعالية أميلاز سائل الحبن التي تزيد عن 1000 وحدة/ليتر تشخص الحبن المعثكلي، بينما يشير انخفاض تركيز غلوكوز سائل الحبن إلى الخباثة أو التدرن.

    قد يظهر الفحص الخلوي لسائل الحبن وجود خلايا خبيثة، وإن وجود كريات بيض متعددة أشكال النوى بتعداد يزيد عن 250 كرية /ملم3 يشير بقوة للخمج (التهاب البريتوان الجرثومي العفوي). إن تنظير البطن إجراء مفيد لكشف الأمراض البريتوانية.

    D. التشخيص:
    تنجم معظم حالات الحبن عن مرضٍ خبيث أو عن التشمع أو قصور القلب، ولكن وجود التشمع لا يعني حتماً أنه هو سبب الحبن وهذا الأمر وارد ومهم بشكل خاص عندما تكون الوظيفة الكبدية جيدة أو عندما لا توجد دلائل على ارتفاع التوتر البابي وعند مثل هؤلاء المرضى يجب البحث عن أحد اختلاطات التشمع مثل كارسينوما الخلية الكبدية أو خثار وريد الباب، أو يجب التفكير بسبب آخر (لا علاقة له بالتشمع) للحبن.

    E. التدبير:
    إن العلاج الناجح للحبن يزيل انزعاج المريض ولكن لا يطيل حياته. وقد يسبب العلاج العنيف اضطرابات خطيرة في توازن السوائل والشوارد وقد يحرض اعتلالاً دماغياً كبدياً. تهدف المعالجة التقليدية لإنقاص محتوى الجسم من الماء والصوديوم بتحديد الوارد منهما وتحريض الإدرار وعند الضرورة قد يستطب رشف سائل الحبن مباشرة.

    إن أسهل طريقة لتخمين مقدار الضياع اليومي من الماء والصوديوم هي بوزن المريض بشكل منتظم. لا يمكن أن يتحرك أكثر من 900 مل من السائل من البريتوان يومياً وبالتالي يجب ألا يقل وزن المريض يومياً أكثر من 1 كغ لتجنب نضوب السائل في مناطق الجسم الأخرى.

    1. تحديد الصوديوم والماء:
    إن تحديد الوارد من الصوديوم مع القوت ضروري لتحقيق توازن صوديوم سلبي عند مرضى الحبن. قد يكون تحديد الصوديوم لـ80 ميلي مول/اليوم (لا يضاف الملح إلى الطعام) كافياً، ولكن تحديده إلى 40 ميلي مول/اليوم ضروري في حالات الحبن الأكثر شدة ويحتاج ذلك لمراقبة مشددة مباشرة للقوت.

    يجب تجنب الأدوية التي تحوي كميات كبيرة نسبياً من الصوديوم وتلك التي تحرض احتباسه مثل مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية (انظر الجدولين 29 و 30).
    الجدول 29: بعض الأدوية التي تحوي كميات كبيرة نسبياً من الصوديوم أو تلك التي تسبب احتباسه.
    الأدوية التي تحوي كميات كبيرة من الصوديوم:
    · مضادات الحموضة.
    · أسبيرين.
    · فينتوئين.
    · صوديوم فالبروات.
    · الألجينات.
    · الصادات الحيوية (انظر الجدول 30).
    · المحضرات الفوارة: الأسبيرين، كالسيوم، باراسيتامول.
    الأدوية التي تسبب احتباس الصوديوم:
    · كاربينوكسولون.
    · مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية.
    · الستيروئيدات القشرية.
    · ميتوكلوبراميد.
    · ديازوكسيد.
    · الأوستروجينات.

    الجدول 30: بعض الصادات الحيوية ذات المحتوى المرتفع من الصوديوم.
    · أموكسيسيللين.
    · أمبيسيللين.
    · سيفوكسيتين.
    · سيفرادين.
    · كلورامفينيكول.
    · فلوكلوكساسيللين.
    · بنزيل بنسيللين.
    · سيفوتاكسيم.
    · سيفتازيديم.
    · سيفوروكسيم.
    · بيبيراسيللين.
    · تيكارسيللين.
    ملاحظة: الزايدة الهامة من الوارد من الصوديوم الناجمة عن العلاج بالصادات تحدث فقط خلال إعطاء كميات كبيرة (غرامات) من الدواء حقناً خلالياً. إن الجرعات القصوى من الصادات المذكورة أعلاه المعطاة حقناً خلالياً تزيد معدل الوارد اليومي من الصوديوم بقيمة 20-50 ميلي مول. إن الأدوية التي لا تحوي الصوديوم ضمن تركيبها تزيد الوارد منه فيما لو تم تسريبها ضمن محاليل تحوي الصوديوم. نادراً ما تزيد الصادات الحيوية الفموية الواردَ من الصوديوم ولكن قد يحدث ذلك عند استخدام الفوسيدين أو بارا-أمينوساليسيلات.

    إن تحديد الوارد من الماء إلى 0.5-1 ليتر/اليوم ضروري فقط في حال انخفض تركيز صوديوم البلازما إلى ما دون 125 ميلي مول/ليتر. يمكن بهذا الأسلوب تدبير عدد قليل من المرضى بشكل آمن وفعال.

    2. الأدوية المدرة:
    يحتاج معظم المرضى للأدوية المدرة بالإضافة لتحديد الصوديوم. يعد محضر سبيرونولاكتون (100-400 ملغ/اليوم) الدواء المنتخب من أجل العلاج طويل الأمد بسبب قوته المعاكسة للألدوستيرون، ولكنه قد يسبب تثدياً مؤلماً وفرط بوتاسيوم.

    يحتاج بعض المرضى لمدرات العروة أيضاً (مثل فورسيميد) مع العلم أنها قد تسبب اضطراب توازن السوائل والشوارد واضطرابات كلوية. يتحسن الإدرار فيما لو كان المريض مستلقياً في الفراش خلال فترة تأثير المدرات ربما لأن معدل الجريان الدموي الكلوي يزداد بالوضعية الأفقية.

    3. البزل:
    استخدم دائماً بزل 3-5 ليتر على مدى 1-2 ساعة بقصد إزالة الضائقة القلبية التنفسية (بشكل فوري) الناجمة عن الحبن الشديد.

    إن الاعتماد على بزل حجوم كبيرة فقط يعد مقاربة علاجية خطيرة ومأساوية النتائج. على كل حال فإن البزل بقصد التجفيف أو لإزالة 3-5 ليتر من السائل يومياً إجراء آمن بشرط دعم الحالة الدورانية للمريض بتسريب محلول غرواني مثل محلول الألبومين البشري (6-8 غ مقابل كل ليتر يبزل من سائل الحبن) أو أي محلول آخر ممدد للحجم البلازمي.

    يمكن إجراء بزل كلي لسائل الحبن كخطوة علاجية أولية أو عند فشل المقاربات العلاجية الأخرى.

    4. مسرب لي فين:
    هذا المسرب عبارة عن أنبوب طويل مزود بدسام عدم الرجوع يمتد تحت الجلد من جوف البريتوان إلى الوريد الوداجي الباطن في العنق، وبالتالي يسمح لسائل الحبن بالجريان مباشرة إلى الدوران الجهازي.

    هذه الطريقة فعالة في حالة الحبن المعند على العلاج التقليدي، ولكنها تترافق مع عدة اختلاطات مثل الخمج وخثار الوريد الأجوف العلوي ووذمة الرئة والنزف من الدوالي المريئية والتخثر المنتشر داخل الأوعية، هذه المشاكل قد حدت من استخدامه.

    5. المسرب القالب البابي الجهازي داخل الكبدي عبر الوداجي:
    يمكن لهذا المسرب أن يزيل الحبن المعند ولكنه لا يطيل البقيا. يمكن استخدامه في حالة كانت الوظيفة الكبدية مقبولة أو عند المرضى الذين ينتظرون أن يجرى لهم زرع كبد. يجب عدم استخدامه عند مرضى المراحل النهائية.

    F. الإنذار:
    إن الحبن تطور خطير في سياق التشمع لأن 10-20% فقط يعيشون لمدة 5 سنوات بعد ظهوره. الإنذار ليس سيئاً بشكل مطلق، حيث يكون بأفضل حالاته عند المرضى ذوي الوظائف الكبدية الجيدة والذين استجابوا للعلاج بشكل مقبول. كذلك يكون الإنذار أفضل في حال كان سبب التشمع قابلاً للعلاج أو في حال اكتُشِفَ سبب محرض للحبن مثل الإفراط بتناول الملح.

    G. الاختلاطات:
    قد يتعرقل الحبن بالأخماج التي قد تكون عفوية (انظر لاحقاً)، أو قد تكون ناجمة (وهو الأشيع) عن مقاربات باضعة تشخيصية أو علاجية مثل التنظير الهضمي العلوي والمعالجة المصلبة. كذلك قد يتعرقل الحبن بالقصور الكلوي، إن كلا هذين الاختلاطين (الخمج والقصور الكلوي) ذا دلالة إنذارية سيئة وقد يفرضان ضرورة اللجوء لزرع الكبد بشكل ملح.

    التهاب البريتوان العفوي الجرثومي (SBP):
    SPONTANEOUS BACTERIAL PERITONITIS:
    إن مرضى التشمع مؤهبون جداً للإصابة بخمج سائل الحبن كجزء من أهبتهم العامة للإصابة به. يتظاهر التهاب البريتوان العفوي الجرثومي فجأة بألم بطني ومضض ارتدادي وغياب الأصوات المعوية والحمى عند مريض لديه مظاهر واضحة تشير للتشمع والحبن.

    تكون العلامات البطنية خفيفة أو غائبة عند حوالي ثلث المرضى. حيث تكون الحمى والاعتلال الدماغي الكبدي المظهرين الرئيسين. قد يظهر بزلُ السائل الحبن التشخيصي أنه عكر ويكون تعداد العدلات فيه أكثر من 250 كرية/ملم3 (مؤشر قوي على الخمج). لا يمكن عادة تحديد مصدر الخمج، ولكن معظم العوامل الممرضة المعزولة من الدم أو من سائل الحبن تكون ذات منشأ معوي، وتكون الأيشيرشيا القولونية أشهر عامل ممرض يعزل كسبب لهذا الخمج.

    إن زرع سائل الحبن في قوارير زرع الدم يساعد بشكل كبير على نمو وكشف العوامل الممرضة. يجب تمييز التهاب البريتوان الجرثومي العفوي عن بقية الحالات الإسعافية البطنية، وإن وجود العديد من العوامل الممرضة بالزرع يجب أن يثير الشك بوجود حالة انثقاب حشا أجوف.

    يجب البدء بالعلاج فوراً بإعطاء الصادات الحيوية الواسعة الطيف مثل سيفوتاكسيم. إن نكس التهاب البريتوان الجرثومي العفوي شائع وقد يمكن تخفيض نسبة النكس بإعطاء المريض محضر نورفلوكساسين بجرعة 400 ملغ يومياً. سجلت العديد من حوادث خمج تجمعات السوائل الأخرى (عند مرضى التشمع) مثل الانصباب الجنبي أو التاموري.

    EBM




    التهاب البريتوان الجرثومي العفوي: العلاج والوقاية:
    إن العلاج التجريبي بالصادات الحيوية يحسن الإنذار عند المرضى الذين يزيد تعداد العدلات ضمن سائل الحبن لديهم عن 250 كرية/ملم3. يعد السيفوتاكسيم (بجرعة تزيد عن 2 غرام كل 12 ساعة لمدة 5 أيام كحد أدنى) أو بقية السيفالوسبورينات أو الأموكسيسيللين-كلافولينيك أسيد بجرعاتها المعيارية، تعد كل هذه الصادات الأدوية المنصوح بها في هذا المجال. يمكن منع نكس التهاب البريتوان الجرثومي العفوي عند المريض الذي أصيب سابقاً بعدة هجمات منه (ولا زال مصاباً بحبن مستمر) بإعطائه محضر نورفلوكساسين بجرعة 400 ملغ يومياً.
     
    الاعتلال الدماغي الكبدي (البابي الجهازي)
    HEPATIC (PORTOSYSTEMIC) ENCEPHALOPATHY


    إن الاعتلال الدماغي الكبدي متلازمة عصبية نفسية تنجم عن المرض الكبدي. تحدث غالباً عند مرضى التشمع ولكنها قد تحدث أيضاً عند المصابين بالقصور الكبدي الحاد.

    A. السببيات:
    يعتقد أن الاعتلال الدماغي الكبدي ينجم عن اضطراب كيماوي حيوي يتناول الوظيفة الدماغية لأنه عكوس ولا يسبب تبدلاً تشريحياً مرضياً ملحوظاً في الدماغ. إن القصور الكبدي وشنت الدم البابي الجهازي عاملان مهمان يحرضان الاعتلال الدماغي الكبدي، ويختلف التوازن بينهما من مريض لآخر. يعد القصور الكبدي ولو بدرجة خفيفة عاملاً ثابتاً لأنه من الصعب للشنت البابي الجهازي أن يسبب الاعتلال الدماغي فيما لو كانت الوظيفة الكبدية طبيعية.

    إن معرفتنا بالذيفانات العصبية التي تسبب الاعتلال الدماغي قليلة، ولكن يعتقد أنها مركبات نيتروجينية (بشكل أساسي) تنتج في المعي على الأقل بتأثير جرثومي في جزء منها، هذه المركبات تُستقلب عادة من قبل الكبد الطبيعي وبالتالي لا تدخل إلى الدوران الجهازي. اعتبرت الأمونيا عاملاً محرضاً مهماً لفترة طويلة من الزمن، ولكن حالياً زاد التركيز على حمض غاما-أمينوبوتيريك.

    توجد مواد أخرى متهمة بتحريض الاعتلال الدماغي مثل عدة نواقل عصبية أخرى زائفة (أوكتوبامين) وحموض أمينية ومركبات المركبتان والحموض الدسمة. يبدو أن بعض العوامل تحرض الاعتلال الدماغي الكبدي بزيادة التوافر الحيوي لهذه المركبات، بالإضافة إلى أن الدماغ في التشمع قد يبدي حساسية لعوامل أخرى مثل الأدوية القادرة على تحريض الاعتلال الدماغي الكبدي (انظر الجدول 31). يعد تخرب الحاجز الوعائي الدماغي من الناحية الوظيفية مظهراً من مظاهر القصور الكبدي الحاد وقد يؤدي لتطور وذمة دماغية.
    الجدول 31: العوامل التي تحرض الاعتلال الدماغي الكبدي.
    · اليوريميا:
    العفوية، المحرضة بالمدرات.
    · الأدوية:
    المنومات، المركنات، مضادات الاكتئاب.
    · النزف الهضمي.
    · زيادة الوارد من البروتين مع الطعام.
    · الإمساك.
    · بزل الحبن (أكثر من 3-5 ليتر).
    · الرض (بما في ذلك الجراحة).
    · نقص البوتاسيوم.
    · الشنت البابي الجهازي: الجراحي، العفوي (إن كان كبيراً).
    · الخمج.

    B. المظاهر السريرية:
    تشمل هذه المظاهر اضطرابات في الذكاء والشخصية والحالة العاطفية والوعي مع أو دون علامات عصبية. يمكن إيجاد العامل المحرض (انظر الجدول 31) في حال تطور الاعتلال الدماغي بشكل حاد. تكون المظاهر الأولى الباكرة خفيفة جداً، وحالما تصبح الحالة أشد يصاب المريض بالخمول وضعف التركيز والتخليط وعدم التوجه والنعاس وتلعثم الكلام وحتى السبات. أحياناً تحدث اختلاجات.

    يظهر الفحص السريري وجود الرعاش الخافق، اللاثباتية، وعجز المريض عن أداء تمرين ذهني حسابي بسيط (انظر الشكل 19) أو عن رسم أشكال بسيطة مثل شكل نجمة (لاأدائية بنيوية)، ومع تطور الحالة يحدث اشتداد في المنعكسات وتظهر استجابة أخمصية باسطة ثنائية الجانب. نادراً ما يسبب الاعتلال الدماغي الكبدي ظهور علامات عصبية بؤرية، وفي حال وجودها يجب البحث عن أسباب أخرى.

    الشكل 19: اختبار توصيل الأرقام المستخدم لتقييم الاعتلال الدماغي.
    هذه الدوائر الخمس والعشرين يمكن عادة وصلها مع بعضها بالتسلسل خلال 30 ثانية.
    يمكن بتكرار هذا الاختبار الحصول على معلومات مفيدة بشرط تغيير موضع الأرقام كل مرة لتجنب تعلم المريض وحفظه لمواضعها.
    عادة ما يوجد لدى المريض نتن كبدي (رائحة النفس تكون عفنة...)، وهو علامة على القصور الكبدي والمسرب البابي الجهازي أكثر من كونه دليل على الاعتلال الدماغي الكبدي. في حالات نادرة يؤدي الاعتلال الدماغي المزمن الكبدي (التنكس الدماغي الكبدي) لظهور العديد من علامات سوء الوظيفة المخيخية والمتلازمات الباركنسونية والشلل السفلي التشنجي والعتاهة.

    C. الاستقصاءات:
    يمكن وضع التشخيص سريرياً في العادة، ولكن عند استمرار الشك به يستطب إجراء تخطيط الدماغ الكهربي الذي يظهر تباطؤً منتشراً يتناول الموجات ألفا الطبيعية مع ظهور موجات دلتا.

    عادة يرتفع تركيز الأمونيا الشريانية عند مريض اعتلال الدماغ الكبدي، ولكن هذا الارتفاع قد يشاهد رغم عدم وجود اعتلال دماغي سريرياً، ولذلك فإن الأهمية التشخيصية لهذا الاختبار ضئيلة أو معدومة.

    لخصنا في (الجدول 32) الحالات السريرية الأخرى التي قد تدخل في التشخيص التفريقي للاعتلال الدماغي الكبدي.
    الجدول 32: التشخيص التفريقي للاعتلال الدماغي الكبدي.
    · الورم الدموي تحت الجافية.
    · الهذيان الارتعاشي.
    · الاضطرابات النفسية البدئية.
    · داء ويلسون العصبي.
    · الانسمام الدوائي أو الكحولي.
    · الاعتلال الدماغي لفيرنيكه.
    · نقص سكر الدم.

    D. التدبير:
    إن نوب الاعتلال الدماغي شائعة عند مرضى التشمع، وتكون عادة عكوسة إلى أن يصل المريض للمراحل النهائية. تتألف مبادئ العلاج من كشف وإزالة الأسباب المحرضة (انظر الجدول 31) وإنقاص الوارد من البروتين وتثبيط إنتاج الذيفانات العصبية من قبل الجراثيم المعوية.

    يجب إنقاص الوارد من البروتين لأقل من 20 غرام/اليوم، ويعطى الغلوكوز (300 غ/اليوم) فموياً أو خلالياً في الحالات الشديدة. وحالما يتحسن الاعتلال الدماغي ترفع كمية البروتين الوارد مع القوت بمقدار 10-20 غ/اليوم كل 48 ساعة حتى الوصول لقيمة 40-60 غ/اليوم التي تشكل الحد الأعلى المقبول عند مرضى التشمع.

    إن اللاكتولوز (15-30 مل كل 8 ساعات) سكريد ثنائي يعطى فموياً ليصل إلى الكولون سليماً حيث يتم استقلابه ضمنه من قبل الجراثيم الكولونية. ترفع الجرعة تدريجياً حتى يستطيع المريض التغوط مرتين يومياً، يحدث هذا المحضر تأثيراً مليناً تناضحياً ويخفض باهاء المحتوى الكولوني مما يؤدي للحد من امتصاص الأمونيا الكولونية ويشجع على استهلاك الجراثيم وقبطها للنيتروجين (انظر جدول EBM).




    EBM




    علاج الاعتلال الدماغي الكبدي:
    أظهرت دراسات أجريت على أعداد قليلة من المرضى أن اللاكتولوز مفيد في حالتي الاعتلال الدماغي الكبدي الحاد والمزمن، ولكن لا توجد تجارب عشوائية مضبوطة في هذا المجال.
    إن العلاج بالنيومايسين ليس أفضل بشكل ملحوظ من العلاج الزائف لتدبير الاعتلال الدماغي الكبدي الحاد.
    الأدلة الحالية لا تدعم استخدام محاليل الحموض الأمينية المتفرعة السلسلة لتدبير الاعتلال الدماغي الكبدي الحاد أو المزمن.

    إن محضر لاكتيتول بديل عن اللاكتولوز متقبلٌ أكثر منه، بتأثير أقل دراماتيكية على الوظيفة المعوية. إن محضر نيومايسين (1-4 غرام كل 4-6 ساعات) صاد حيوي يؤثر بإنقاص المحتوى المعوي من الجراثيم. يمكن استخدامه مع اللاكتولوز أو كبديل عنه في حال سبب إسهالاً شديداً.

    يمتص النيومايسين بشكل سيئ من المعي ولكن مع ذلك تصل كمية كافية منه إلى داخل الجسم تجعله مضاد استطباب عند المريض المصاب باليوريميا. لا يستحب استخدامه على المدى الطويل (خلافاً لمحضر لاكتولوز) لأنه قد يسبب سمية أذنية. يعد الاعتلال الدماغي الكبدي المزمن أو المعند واحداً من الاستطبابات الرئيسة لزرع الكبد.

    المتلازمة الكبدية الرئوية HEPATOPULMONARY SYNDROME:
    يكون العديد من مرضى التشمع مصابين بنقص الأكسجة بسبب العديد من العوامل كارتفاع التوتر الرئوي والانصبابات الجنبية والمتلازمة الكبدية الرئوية. تتظاهر هذه المتلازمة بنقص أكسجة معند وتوسع وعائي داخل رئوي.

    تشمل المظاهر السريرية تبقرط الأصابع والزراق والعنكبوت الوعائي وانخفاض واضح في إشباع الدم الشرياني بالأوكسجين. حالياً تعد المتلازمة الكبدية الرئوية استطباباً لزرع الكبد.
     
    القصور الكبدي الكلوي
    hepatorenal failure


    قد يحدث قصور كلوي تالٍ للقصور الكبدي في التشمع. تكون الكليتان طبيعيتين من حيث البنية الداخلية، ويعتقد أن القصور الكلوي ناجم عن اضطراب الجريان الدموي الجهازي بما في ذلك تدهور الجريان الدموي الكلوي.

    تدعى الحالة القصور الكلوي الوظيفي الناجم عن التشمع أو المتلازمة الكبدية الكلوية. تحدث في المراحل المتقدمة من التشمع المترافق دائماً مع الحبن، وهي تتميز بغياب البيلة البروتينية أو الرسابة البولية الشاذة، ويكون معدل إطراح الصوديوم البولي أقل من 10 ميلي مول /اليوم ونسبة أسمولالية البول على أسمولالية البلازما تزيد عن 1.5.

    من المهم أن ننفي نقص الحجم وذلك بقياس الضغط الوريدي المركزي وتسريب المحاليل الغروانية مثل محاليل الألبومين البشري للحفاظ عليه بحدود 0-5 سم ماء.

    يشمل علاج المتلازمة الكبدية الكلوية إعطاء الدوبامين (1-2 مكغ/كغ/د) لتحسين الجريان الدموي الكلوي وبالتالي تحريض الإدرار لاحقاً.

    يجب الحد من تحطم البروتينات الداخلية والحد من شدة اليوريميا وذلك بتحديد الوارد من البروتين لقيمة 20 غ/اليوم وإعطاء 300 غ من الكربوهيدرات يومياً.

    يعتمد الشفاء على تحسن الوظيفة الكبدية ولكن ذلك يحدث نادراً عند المصابين بالداء الكبدي المزمن. ووفقاً لذلك نجد أن الإنذار سيء جداً ما لم تجرَ عملية زرع الكبد.
     
    التهاب الكبد الحموي
    viral hepatitis


    تنجم حالات التهاب الكبد الحموي كلها تقريباً عن واحد من حمات التهاب الكبد النوعية، ويُشكل التهاب الكبد الناجم عن الحمات الأخرى حوالي 1-2% فقط من كل الحالات (انظر الجدول 33).
    الجدول 33: أسباب التهاب الكبد الحموي.
    · حمة التهاب الكبد a(hav).
    · حمة التهاب الكبد d(hdv).
    · حمة التهاب الكبد b(hbv).
    · حمة التهاب الكبد e(hev).
    · حمة التهاب الكبد c(hcv).
    · التهاب الكبد الحموي لا e-a.
    · الحمة المضخمة للخلايا.
    · حمة الحمى الصفراء.
    · حمة إبشتاين-بار.
    · حمة الحلأ البسيط.

    تؤدي كل هذه الحمات لأمراض متشابهة في مظاهرها السريرية والتشريحية المرضية حيث يكون المريض يرقانياً أو لا أعراضياً. a. المظاهر السريرية:
    تسبق الأعراض البادرية تطور اليرقان بعدة أيام إلى أسبوعين. هذه الأعراض هي المظاهر الشائعة للداء الخمجي الحاد وهي تشمل القشعريرات والصداع والتعب. قد تكون الأعراض الهضمية مسيطرة ولاسيما القهم والاشمئزاز من السجائر وقد يصاب المريض بالغثيان والإقياء والإسهال. قد يحدث ألم بطني علوي ثابت وشديد أحياناً نتيجة تعرض البريتوان للشد فوق الكبد المتضخم.

    في البداية تكون العلامات الفيزيائية ضئيلة، ويكون الكبد ممضاً رغم أنه لا يكون مجسوساً بسهولة، قد تتضخم العقد اللمفاوية الرقبية، وقد تحدث ضخامة طحالية ولاسيما عند الأطفال. غالباً ما يصاب مرضى التهاب الكبد b بآلام مفصلية في الطور البادري، وأحياناً تظهر متلازمة داء المصل مع اندفاعات جلدية (بما فيها الشرى) ويحدث التهاب مفاصل متعددة.

    يشير اغمقاق لون البول واصفرار الصلبة إلى بداية ظهور اليرقان، الذي يشتد حالما يتطور انسداد القنيوات الصفراوية، ويغدو البراز فاتح اللون، ويزداد اغمقاق البول ويغدو الكبد مجسوساً بسهولة. في هذه المرحلة تتحسن شهية المريض غالباً وتضعف كثيراً شدة الأعراض الهضمية.

    بعد ذلك يتراجع اليرقان ويعود للبول وللبراز لونيهما الطبيعيين، وتتراجع كذلك الضخامة الكبدية، وخلال 3-6 أسابيع يشفى معظم المرضى. في الحالات الخفيفة قد يتسرع سير اليرقان ولايتم التعرف عليه إلا من خلال قصة تماس مع حالة التهاب كبد حموي معروفة أو بترافق أعراض هضمية مبهمة أو التعب مع بيلة البيلروبين ومع دلائل مخبرية على سوء الوظيفة الكبدية.

    b. الاستقصاءات:
    تزيد فعالية الخمائر الناقلة للأمين البلازمية عن 400 وحدة/ليتر حتى قبل أن يظهر اليرقان، وذلك يشكل الشذوذ الأكثر تميزاً. يعكس تركيز البيلروبين البلازمي شدة اليرقان. نادراً ما تزيد فعالية الفوسفاتاز القلوية البلازمية عن 250 وحدة/ليتر ما لم تتطور ركودة صفراوية ملحوظة، ويكون تركيز ألبومين المصل سوياً.

    يعد تطاول زمن البروترومبين مؤشراً موثوقاً على الأذية الكبدية الشديدة. إن بيلة البيلروبين علامة باكرة تظهر في الطور البادري وتستمر خلال طور النقاهة. قد تظهر بيلة بروتينية خفيفة. يكون تعداد الكريات البيض طبيعياً أو منخفضاً في الحالات غير المختلطة، وقد يوجد أحياناً كثرة لمفاويات نسبية التي تعد علامة ذات أهمية جزئية لتمييز هذا المرض عن داء ويل.

    يمكن للفحوص المصلية أن تكشف الإصابة بالتهاب الكبد بالحمة a و b و e والحمة المضخمة للخلايا وحمة إبشتاين - بار ولكنها غير موثوقة في حالة التهاب الكبد الحاد بالحمة c. لقد ناقشنا التشخيص التفريقي في الصفحة 20.

    c. الاختلاطات:
    بينما نجد أن العديد من اختلاطات التهاب الكبد الحموي الحاد معروفة (انظر الجدول 35)، فإن الاختلاطات الخطيرة غير شائعة التواتر في الممارسة.
    الجدول 35: اختلاطات التهاب الكبد الحموي الحاد.
    · القصور الكبدي الحاد.
    · متلازمة ما بعد التهاب الكبد.
    · أمراض النسيج الضام.
    · التهاب جلد النهايات الحطاطي.
    · التشمع (التهاب الكبد c , b).
    · التهاب الكبد الناكس (سريرياً، كيماوياً).
    · فرط بيلروبين الدم (متلازمة جلبرت)*.
    · القصور الكلوي.
    · التهاب الكبد المزمن.
    · كارسينوما الخلية الكبدية.
    · التهاب الكبد الركودي.
    · فقر دم لا تنسجي.
    · فرفرية هينوخ-شونلاين.
    * قد تكشف متلازمة جيلبرت عند المريض الذي أصيب بالتهاب الكبد الحموي لدى متابعته.

    إن الوفاة نادرة وهي تنجم عادة عن القصور الكبدي الحاد. إن عودة الأعراض والعلامات الخاصة بالتهاب الكبد الحاد خلال مرحلة الشفاء تعد مظهراً مميزاً لنكس المرض الذي يحدث عند 5-15% من المرضى.

    إن النكس المخبري اللاأعراضي الذي يترافق مع ارتفاع فعالية الخمائر الناقلة للأمين أكثر شيوعاً. يزول التهاب الكبد الناكس عفوياً ولا يشير بالضرورة لسوء الإنذار.

    قد تتطور ركودة صفراوية في أية مرحلة من مراحل سير المرض لتؤدي ليرقان أشد ذي نمط انسدادي مخبرياً وسريرياً. تظهر خزعة الكبد كل مظاهر التهاب الكبد مع ركودة صفراوية مسيطرة وعدم وجود دلائل على الأذية الكبدية المزمنة. قد يستمر هذا الداء الركودي لعدة أشهر ولكن يكون إنذاره جيداً.

    من الشائع أن يستمر شعور المريض بالوهن لمدة 2-3 أشهر بعد شفائه سريرياً ومخبرياً. أحياناً ولاسيما عند المرضى القلقين يحدث تعب وقهم وغثيان وانزعاج مراقي أيمن لفترة طويلة دون وجود دلائل سريرية أو مخبرية على مرضٍ كبدي، تعرف هذه الظاهرة باسم متلازمة ما بعد التهاب الكبد.

    يمكن للخمج المزمن بحمة التهاب الكبد b مع أو دون خمج مراكب بالحمة d أن يسبب التهاب كبدٍ مزمناً وتشمعاً، وقد يسبب الخمج بالحمة c المزمن التهاب كبد مزمن وتشمع. تؤهب هذه الأشكال من التهابات الكبد المزمنة الحموية لحدوث كارسينوما الخلية الكبدية. قد يشاهد فرط بيليروبين الدم غير المقترن بعد التهاب الكبد الحموي الحاد أحياناً، تنجم معظم حالاته عن متلازمة جلبرت المستبطنة.

    إن الاختلاطات الجهازية نادرة، وهي تشمل فقر الدم اللاتنسجي، الذي يحدث بشكل أشيع بعد التهاب الكبد بالحمة لا a–e وقد لا يظهر إلا بعد مرور سنة على المرض الكبدي. بقية الاختلاطات ترتبط غالباً بالإصابة بالتهاب الكبد بالحمة b و c وهي تشمل داء النسيج الضام ولاسيما التهاب الشرايين العديد العقد والأذية الكلوية مثل التهاب الكبب والكلية. سجل حدوث فرفرية هينوخ شونلاين والتهاب جلد النهايات الحطاطي عند الأطفال.

    d. التدبير العام:
    فقط المرضى المتأثرين بشدة هم الذين يحتاجون للعناية في المشفى، والهدف الرئيسي من ذلك هو الكشف الباكر لتطور القصور الكبدي الحاد. تعالج المتلازمة التالية لالتهاب الكبد بالتطمين. ولقد ناقشنا لاحقاً العلاجات النوعية الخاصة بالحمات المختلفة.

    1. الحمية:
    تعطى للمريض حمية غذائية تحوي 2000-3000 كيلو كالوري يومياً. ولكن في بداية المرض لا يتحمل المريض هذه الحمية بسبب القهم والغثيان، عندها يمكن الاستعاضة عنها بعصائر الفواكه والغلوكوز فهي مقبولة أكثر.
    تتحدد محتويات الحمية بشكل كبير وفقاً لرغبات المريض مع ضرورة تشجيعه على تناول وارد بروتيني جيد. إذا كان الإقياء شديداً يستطب تسريب السوائل الوريدية والغلوكوز.

    2. الأدوية:
    يجب تجنب الأدوية إن كان ذلك ممكناً ولاسيما في التهاب الكبد الشديد لأن العديد منها يستقلب في الكبد، هذا الأمر ينطبق بشكل خاص على المركنات والمنومات.
    يجب تجنب تناول الكحول خلال المرض ولكن يمكن تناوله ثانية بعد حدوث الشفاء السريري والمخبري، كذلك الحال بالنسبة لحبوب منع الحمل.

    3. الجراحة:
    تحمل الجراحة المجراة للمريض المصاب بالتهاب الكبد الحموي الحاد خطورة ملحوظة بتطور قصور كبدي تالٍ لها، ولذلك يجب إجراء العمليات الجراحية المنقذة للحياة فقط في هذه المرحلة.

    4. زرع الكبد:
    قد يستطب زرع الكبد لتدبير القصور الكبدي الحاد أو المزمن الناجم عن التهاب الكبد الحموي.

    5. الإنذار:
    يختلف الإنذار باختلاف سبب التهاب الكبد (انظر لاحقاً)، تبلغ النسبة العامة للمواتة التالية لالتهاب الكبد الحموي الحاد حوالي 0.5% عند المرضى الأصحاء الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة، ولكنها تصل حتى 3% عند الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة، وقد ترتفع لنسبة أعلى عند المرضى المصابين بأمراض أخرى خطيرة مثل الداء الكبدي المزمن أو اللمفوما أو الكارسينوما.
    كلمات مفتاحية  :
    أمراض الكبد السبيل الصفراوي

    تعليقات الزوار ()