هذا الحديث في رقية المريض، وذلك لأنه جاء في الحديث ما يدل على النهي عن الرقية، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: إن الرقى والتمائم والتولة شرك فبهذا الحديث منع بعض العلماء من الرقية، ولكن الحديث محمول على الرقى الجاهلية التي فيها شرك ودعاء للجن وللشياطين، وذهب بعض العلماء إلى أن الرقية لا تجوز إلا لرقية العين أو رقية ذوات السموم، كلسعة العقرب والحية واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: لا رقية إلا من عين أو حمة وأجيب بأن المراد: لا رقية أنفع وأحسن من رقية العين، أي: الإصابة بالعين، وقرصة ذوات السموم، ولعل الصواب جواز الرقية من جميع الأمراض فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل الرقية لنفسه عند النوم يقرأ المعوذتين وسورتي الإخلاص، ويجمع كفيه وينفث فيها بعد القراءة، ثم يمسح بهما ما أقبل من جسده، يبدأ بوجه وصدره وبطنه وما قدر عليه، ولما مرض كانت عائشة تقرأ عليه وتمسح بيد نفسه رجاء بركتها.
وثبت أنه صلى الله عليه وسلم رقى بعض أصحابه مباشرة أو في ماء ينفث فيه ثم يشرب منه المريض أو يصب عليه منه وكذلك رقى على ذلك الطفل الذي يصرع وخاطب الجني بقوله: اخرج عدو الله أنا رسول الله فدل ذلك على إفادة الرقية، وخصوصا إذا كان الراقي من أهل العلم والورع وعباد الله الصالحين، وأما استعمال الهاتف للرقية فيه، فأرى أن ذلك لا يفيد، حيث أن من تمام الرقية النفث على المريض وهو نفخ معه شيء من الريق، وهذا لا يمكن في الهاتف، ويستعمل الهاتف للنصيحة وتعليم المريض ما يحتاج إليه من الأدوية ومن الدعاء، وإذا احتاج إلى رقية حضر عند الراقي أو حضر عنده الراقي. والله أعلم.
|
|
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين |
|