| بَادٍ هَوَاكَ صَبَرْتَ أمْ لم تَصْبِرَا |
وَبُكاكَ إن لم يَجْرِ دمعُكَ أو جَرَى |
| كمْ غَرّ صَبرُكَ وَابتسامُكَ صَاحِباً |
لمّا رَآهُ وَفي الحَشَا مَا لا يُرَى |
| أمَرَ الفُؤادُ لِسَانَهُ وَجُفُونَهُ |
فَكَتَمْنَهُ وَكَفَى بجِسْمِكَ مُخبِرَا |
| تَعِسَ المَهَاري غَيرَ مَهْرِيٍّ غَدَا |
بمُصَوَّرٍ لَبِسَ الحَرِيرَ مُصَوَّرا |
| نَافَسْتُ فِيهِ صُورَةً في سِتْرِهِ |
لَوْ كُنْتُهَا لخَفيتُ حتى يَظْهَرَا |
| لا تَترَبِ الأيْدي المُقيمَةُ فَوْقَهُ |
كِسرَى مُقامَ الحاجِبَينِ وَقَيصَرَا |
| يَقِيَانِ في أحَدِ الهَوَادِجِ مُقْلَةً |
رَحَلَتْ وَكانَ لها فُؤادي مَحْجِرَا |
| قد كُنتُ أحْذَرُ بَيْنَهُمْ من قَبْلِهِ |
لَوْ كانَ يَنْفَعُ خائِفاً أنْ يَحذَرَا |
| وَلَوِ استَطَعتُ إذِ اغْتَدَتْ رُوّادُهمْ |
لمَنَعْتُ كُلَّ سَحَابَةٍ أنْ تَقْطُرَا |
| فإذا السّحابُ أخو غُرابِ فِراقِهِمْ |
جَعَلَ الصّياحَ بِبَيْنِهِمْ أن يَمطُرَا |
| وَإذا الحَمَائِلُ ما يَخِدْنَ بنَفْنَفٍ |
إلاّ شَقَقْنَ عَلَيهِ ثَوْباً أخضَرَا |
| يَحْمِلْنَ مِثْلَ الرّوْضِ إلاّ أنّها |
أسْبَى مَهَاةً للقُلُوبِ وَجُؤذُرَا |
| فَبِلَحْظِهَا نَكِرَتْ قَنَاتي رَاحَتي |
ضُعْفاً وَأنْكَرَ خاتَمايَ الخِنْصِرَا |
| أعطَى الزّمانُ فَمَا قَبِلْتُ عَطَاءَهُ |
وَأرَادَ لي فأرَدْتُ أنْ أتَخَيّرَا |
| أرَجَانَ أيّتُهَا الجِيَادُ فإنّهُ |
عَزْمي الذي يَذَرُ الوَشيجَ مُكَسَّرَا |
| لوْ كُنتُ أفعَلُ ما اشتَهَيتِ فَعَالَهُ |
ما شَقّ كَوْكَبُكِ العَجاجَ الأكدَرَا |
| أُمّي أبَا الفَضْلِ المُبِرَّ ألِيّتي |
لأُيَمّمَنّ أجَلّ بَحْرٍ جَوْهَرَا |
| أفْتَى برُؤيَتِهِ الأنَامُ وَحَاشَ لي |
مِنْ أنْ أكونَ مُقصّراً أوْ مُقصِرَا |
| صُغْتُ السّوَارَ لأيّ كَفٍّ بَشّرَتْ |
بابنِ العَميدِ وَأيّ عَبْدٍ كَبّرَا |
| إنْ لمْ تُغِثْني خَيْلُهُ وَسِلاحُهُ |
فمَتى أقُودُ إلى الأعادي عَسكَرَا |
| بأبي وَأُمّي نَاطِقٌ في لَفْظِهِ |
ثَمَنٌ تُبَاعُ بهِ القُلُوبُ وَتُشترَى |
| مَنْ لا تُرِيهِ الحَرْبُ خَلقاً مُقْبِلاً |
فيها وَلا خَلْقٌ يَرَاهُ مُدْبِرا |
| خَنْثى الفُحُولِ من الكُماةِ بصَبْغِهِ |
مَا يَلْبَسُونَ منَ الحديدِ مُعَصْفَرا |
| يَتَكَسّبُ القَصَبُ الضَّعيف بكَفّهِ |
شَرَفاً على صُمِّ الرّمَاحِ وَمَفْخَرَا |
| وَيَبِينُ فِيمَا مَسّ مِنْهُ بَنَانُهُ |
تِيهُ المُدِلِّ فَلَوْ مَشَى لَتَبَخْتَرا |
| يا مَنْ إذا وَرَدَ البِلادَ كِتابُهُ |
قبلَ الجُيُوشِ ثَنى الجُيوشَ تحَيُّرَا |
| أنتَ الوَحيدُ إذا رَكِبْتَ طَرِيقَةً |
وَمَنِ الرّديفُ وقد ركبتَ غضَنْفَرَا |
| قَطَفَ الرّجالُ القَوْلَ وَقتَ نَبَاتِهِ |
وَقَطَفْتَ أنْتَ القَوْلَ لمّا نَوّرَا |
| فَهُوَ المُتَبَّعُ بالمَسامِعِ إنْ مضَى |
وَهوَ المُضَاعَفُ حُسنُهُ إنْ كُرِّرَا |
| وَإذا سَكَتَّ فإنّ أبْلَغَ خَاطِبٍ |
قَلَمٌ لكَ اتّخَذَ الأنَامِلَ مِنْبَرَا |
| وَرَسائِلٌ قَطَعَ العُداةُ سِحاءَهَا |
فَرَأوْا قَناً وَأسِنَّةً وَسَنَوّرا |
| فدَعاكَ حُسَّدُكَ الرّئيسَ وَأمسكُوا |
وَدَعاكَ خالِقُكَ الرّئيسَ الأكْبَرَا |
| خَلَفَتْ صِفاتُكَ في العُيونِ كلامَهُ |
كالخَطِّ يَمْلأُ مِسْمَعَيْ مَن أبصَرا |
| أرَأيْتَ هِمّةَ نَاقَتي في نَاقَةٍ |
نَقَلَتْ يداً سُرُحاً وَخُفّاً مُجمَرَا |
| تَرَكَتْ دُخانَ الرِّمْثِ في أوْطانِهَا |
طَلَباً لِقَوْمٍ يُوقِدونَ العَنْبَرَا |
| وَتَكَرّمَتْ رُكَبَاتُهَا عَن مَبرَكٍ |
تَقَعَانِ فيهِ وَلَيسَ مِسكاً أذفَرَا |
| فأتَتْكَ دامِيَةَ الأظَلّ كأنّمَا |
حُذِيتْ قَوَائِمُها العَقيقَ الأحْمَرَا |
| بَدَرَتْ إلَيْكَ يَدَ الزّمانِ كَأنّهَا |
وَجَدَتْهُ مَشغُولَ اليَدَينِ مُفكّرَا |
| مَنْ مُبلِغُ الأعرابِ أنّي بَعْدَها |
جالَستُ رِسطالِيسَ وَالإسكَندَرَا |
| وَمَلِلْتُ نَحْرَ عِشارِهَا فأضَافَني |
مَنْ يَنحَرُ البِدَرَ النُّضَارَ لِمَنْ قرَى |
| وَسَمِعْتُ بَطليموسَ دارِسَ كُتبِهِ |
مُتَمَلّكاً مُتَبَدّياً مُتَحَضّرَا |
| وَلَقيتُ كُلّ الفَاضِلِينَ كأنّمَا |
رَدّ الإل?هُ نُفُوسَهُمْ وَالأعْصُرَا |
| نُسِقُوا لَنَا نَسَقَ الحِسابِ مُقَدَّماً |
وَأتَى فذلِكَ إذْ أتَيْتَ مُؤخَّرَا |
| يَا لَيْتَ باكِيَةً شَجَاني دَمْعُهَا |
نَظَرَتْ إلَيكَ كَما نَظَرْتُ فتَعذِرَا |
| وَتَرَى الفَضيلَةَ لا تَرُدّ فَضِيلَةً |
ألشّمسَ تُشرِقُ وَالسحابَ كنَهْوَرَا |
| أنَا من جَميعِ النّاسِ أطيَبُ مَنزِلاً |
وَأسَرُّ رَاحِلَةً وَأرْبَحُ مَتْجَرَا |
| زُحَلٌ على أنّ الكَوَاكبَ قَوْمُهُ |
لَوْ كانَ منكَ لكانَ أكْرَمَ مَعْشَرَا |